بعد الخروج الحزين للسيلساو .. مينيزيس مطالب بصحوة تكتيكية لإستعادة الأمجاد

شكل الخروج المدوي لمنتخب البرازيل (السيلساو) صدمة كبيرة في نفوس عشاقه والذين لم يصدقوا بأن منتخب نجوم السامبا خرج من مولد ( بيونس ايريس ) من غير (حمص) .. إنما خرج من (الكرنفال اللاتيني) بخفي ُحنين وبطريقة دراماتيكية محزنة..لكن ما أثار استغراب النقاد ان الفريق البرازيلي لم يظهر بصورته المعهودة التي عادة ما اقترنت بأذهان عشاق الساحرة المستديرة.

إذا يعد منتخب أصحاب (القمصان الصفر) من أكثر المنتخبات استقراراً بالمستوي الفني ويمتاز خط هجومه بميزة تكثيف اللعب على جهة إحدى الجهات من اجل خلخلة دفاعات الخصوم عن طريق مناولات سريعة واستخدام أسلوب لعب الكرة باتجاه الزميل المضغوط من قبل المدافعين والمراهنة على الجانب المهاري للتخلص وخلق الفراغات أو عمل مثلثات خطرة لفك الطوق ..لكن تلك التفصيلات غابت اليوم عن أداء سحرة العالم وتحديداً في كوبا أميركا مع تفاوت بسيط في مستوى الأداء من مباراة الى أخرى .

مابين دونجا و مينيزيس

واليوم سوف نتوقف في هذه المحطة التحليلية مستعرضين أوجه الاختلاف والشبه ما بين أسلوبي لعب البرازيل في زمن المدرب السابق(دونجا) والمدرب الحالي (مينيزيس) وسيكون معيار التفاضل هو أسلوب البرازيل بطولة كأس العالم 2010، حيث يدرك الجميع أنه ومنذ استلام (دونجا) المدير الفني السابق (لمنتخب السيلساو) فإنه اعتمد على نظام لعب (4-3-1-2) أي اللعب برباعي خط دفاع : ظهيران(هجومي دفاعي) وبخط الوسط مؤلف من (وسط يسار وصانع ألعاب ووسط يمين) و أمامهم مهاجم لديه نزعة اختراق ومشاكسة الدفاع وأمامه هدافين بارعين وكادت أن توصله هذه الطريقة إلى نهائي الكأس لولا اصطدامه بعقبة هولندا .

أسلوب دونجا في صناعة الهجمات:

كانت تبدأ من الظهير الأيمن (مايكون- داني الفيس- مايكون) ،(باستوس -روبينيو) إما(لويس
فابيانو- كاكا فهما مهاجمان متقدمان.

أواللعب نحو العمق عندما يتحول كاكا إلى ما يعرف (محطة صانع العاب )تحت الضغط من الخصوم بإنتظار أن يفتح له احد المهاجمين والأجنحة ويستقبل الكرات من كلا الظهيرين و أخيراً أسلوبهم الأشهر( التحرك) في الوسط مع تغيير المراكز مصحوباً بمناولات متبادلة قصيرة تعتمد على حركة من غير كرة مع إسناد تبدأ من (جيلبرتو- الفيس-كاكا -ميلو-كاكا -جيلبرتو ) ويكون هنا روبينيو إسناد قريب وفابيانو رأس حربة أو بالعكس احد المدافعين (لوسيو، جوان) يكون معهم كإسناد وبعدها يتم تبادل المناولات بالعمق.

فلسفة مينيزيس وتشكيلاته المتنوعة

لكن مينيزيس المدرب الحالي للبرازيل غّير من نظام اللعب الحالي للبرازيل أما إلى( 4-1-2-3) أي برباعي خط الدفاع وبإظهرة متحركة (ثلاث)لاعب ارتكاز احدهما دفاع متقدم وآخران ذا نزعتين هجوميتين أمامهما( ثلاث )مهاجمين . حيث لعب مايكون( الفيس)، لوسيو ،تياجو سيلفا ،اندريه سانتوس، الوسط (لوكاس) أمامه ( رايميرز) ،(جانسو) و ثلاثي خط الهجوم (روبينيو-جادسون)، باتو ، نيمار) .أو بالتشكيل( 4-2-1-3 ) بإرجاع جانسو وحيدا في الوسط صانع العاب وإعطاء حرية الانتقال إلى راميريز الذي كان يساعد لاعبي خط الوسط وكذلك الظهير الأيسر واليمين وقد تعرض المدرب مينيزيس إلى انتقادات لاذعة نتيجة لإنه همش بعض الشيء دور ألفيس (الهجومي)لأنه كان يلعب في خط الوسط في زمن المدرب (دونجا) وهو لاعب دائما يشارك في بناء الهجمات كان يلعب أمام مايكون الذي تم يناور ما بينهما في مبارياته الأربع وأعاده ظهيراً مدافعاً وبواجبات دفاعية بحتة.

ثنائيات غير مجدية

ولأجل ذلك جرب المدرب مينيزيس تشكيلات صفت على شكل (4-2-2-2) مأخوذ من نظام (4-4-2) جرب وذلك مع فنزويلا على شكل ثنائيات في خط الوسط مكون من (ايلانو ولوكاس ) و(فريد وباتو) واخيراً (لوكاس رايميرز) ومع ذلك ،لم يتخلى مينيزيس عن روبينيو الذي لعب كجناح يمين مع الفيس في ذات الجهة في كذا مباراة و كان يميل إلى العمق ويبدل في مركزه مع (داني الفيس ، رايميرز- لوكاس ) و لم يوظف جادسون بشكل صحيح و أيضا لم يتوفق جانسو في تغير مراكز بشكل انسيابي مع باتو علماً بأن نيمار كان من أفضل اللاعبين على الإطلاق في جهة اليسار من حيث الحيازة الايجابية وصناعة الألعاب وتمرير الكرات في العمق انطلاقات و رايميرز أو باتو المكوكية إلى الأمام.

معضلة الباراجواي المتكررة

فشل أيضا في التعامل مع فلسفة المدرب الباراجواني مارتينو في مواجهتين حيث افلح الأخير في غلق الإطراف على الفريق البرازيلي وعدم إعطاء أي مساحة بينية قد يستغلها اللاعب البرازيلي وعمل حالة واحد ضد واحد نظراً لمهاراتهم العالية لذا أوكل المدرب المهام الى (استيجاريبا) وكذلك (ريفيروس أو باريتو) بمراقبة جانسو لتقليص المساحة من إمامه وعدم تركه يغير اللعب واو يعطي كراته الى زميل له في الوسط واللافت ان استيجاريبا لعب دفاع المراقبة مع مايكون وضغط عليه بشكل مميز.

غياب التحركات من الخلف

هذا الأساس فقد افتقد المنتخب البرازيلي لميزة عمل الفراغات أو سحب أكبر مدافعين نحو جهة ومن ثم تمرير الكرة إلى الجهات الخالية من الرقابة،إما المنطلق من الخلف للتقدم صوب منطقة الجزاء لغرض التسديد أو لعبها إلى أي ظهير مهاجم يشغل في كل مناطق اللعب مع الحيازة في وسط اللعب والانتشار والتنويع ببناء الهجمات أما بتفعيل الأجنحة ومشاغلة المناطق خلف دفاعات الخصم أي بتحرير الظهرين:ختاماً نقول على مينيزيس التفكير من الآن لإيجاد هوية فنية أخرى للبرازيل كونه عجز في مجاراة خصومه في القارة إذا ما استثنيا فوزه العريض على الإكوادور وبات عليه لزاما ان يحدث صحوة تكتيكية كبرى تليق بهذا العملاق الكروي ليس محبة بأهل البرازيل فحسب إنما رحمة بتلك المليارات الذي عشقت فنونهم الكروية منذ عقود وسنين طوال.